إلغاء القرار الإداري لحياده عن الهدف المخصص لإصداره

                                      إلغاء القرار الإداري لحياده عن الهدف المخصص لإصداره
                                         
                                                       الفرع التاني
                                استعمال الإدارة سلطتها في فض نزاع مدني

لكل سلطة من سلطات الدولة الثلاثة اختصاص ثابت يتعين عليها التزام حدوده ليكون
عملها مشروع 
وإذا كان المشرع قد خص السلطة القضائية بالفصل فيما ينشأ بين الأفراد من نزاع وحسمه بحكم قضائي تنفيذه ملزم للكافة , فإن محاولة اسلطة الإدارية الإطلاع بهذا
الدور يجعل ما يصدر عنها من قرارات في هذا الشأن خارجة عن نطاق المشروعية مشوبة
بالانحراف بالسلطة و ذلك بالرغم من نبل الغاية و استهدافها تحقيق صالح عام متمثل
في تحقيق السلام الاجتماعي 0

و ترجع عدم مشروعة عمل الإدارة في هذه الخصوص إلا إن الإدارة استعملت سلطتها في
غير ما أعهدت له بالإضافة إلى اعتدائها على السلطة القضائية الأصيل في فض ما ينشأ
بين الأفراد من نزاعات كما أن الإدارة بحكم تكوينها و طبيعة أداءها لنشاطها غير
مؤهلة أصلا لفض النزاعات التي ذات الصيغة المبينة التي تنشأ بين الأفراد حيث أن القضاء
هو الأولى بممارسة هذا الدور لما يتمتع به من حيدة و نزاهة و استقلال 
من أجل ذلك كان ما تصدره الإدارة من قرارات مستعملة فها سلطتها قاصدة فض نزاع ذي
صبغة مدنية يكون مصيرها دوما الإلغاء القضائي 

و هذا النوع من الانحراف كثيرا ما يرتكبه المحافظون و غيرهم من رجال الإدارة فتأتي
قراراتهم مشوبة بعيب الانحراف بالسلطة حيث استعملت الإدارة الصلاحية المخولة لها
قانونا من أجل تحقيق هدف يختص به القضاء العاجي 0

و بالرغم من أن هذا العمل يدخل في إطار الأعمال الخيرية الجليلة إلا أن مجلس
الدولة الفرنسي رفض أن يعترف للإدارة بإجراءاته و الانحراف بسلطتها في سبيله حيث
قضى بعدم مشروعيته قرار ضبط قصد به حل نزاع بين الأفراد 0

و قد سار مجلس الدولة المصري على ذات الدرب حيث أعلنت محكمة القضاء الإداري عن
موقفها في هذا الشأن بوضوح في حكم لها ذهبت إلى أنه " قد بان للمحكمة أن المصلحة
العامة اقتضت إنشاء خط تنظيم في الشارع الواقع عليه منزل المدعي و حيث إن هذا
التنظيم قد تخلفت عنه القطعة موضوع النزاع فأصبحت من الأملاك الخاصة التي يصح
التصرف فيها و يكون للمالك المجاور لها حق الشفعة العادي , المقرر في القانون
المدني للجار الملاصق و من حيث إن البلدية قد صدر عنها فعلا للمدعي وعدا بالبيع
بعد أنه هذا الوعد زاحمته عائلة أخرى و انتهى المر بصدور القرار المطعون فيه
بإلغاء زوائد التنظيم المذكورة و إعادتها للشارع مما يحدث فيه فجوة و انبعاجا لا
يتفق مع التنظيم و من حيث إن هذا التصرف قد يؤدي إلى فض المنازعة و التزاحم بين
جارين بشأن شراء أرض أو الانتفاع بها إلا أنه لا يدخل ضمن وظيفة البلدية فض
المنازعات الخاصة أو صيانة المن بل أن وظيفتها هي التنظيم الهندسي للمدينة "
و انتهت المحكمة في حكمها بالإلغاء القرار الذي قصدت به الإدارة فض نزاع ذي صبغة
خاصة 



الفرع الثالث

رفض جهة تقديم خدماتها لأحد المواطنين

لإجباره على القيام بتصرف معين
على السلطات الإدارة واجب تجاه الأفراد , يتمثل في أداء ما كفله لهم القانون من
خدمات شريطة أن تنطبق عليهم شروط استحقاقها فإن توافرت تلك الشروط فالإدارة ملزمة
بأداء الخدمة بلا سلطة تقديرية لها في ذلك و تكون الإدارة قد ارتكبت انحرافا
بالسلطة إن هي امتنعت أو تباطأت في أداء الخدمة أيا كان باعثها على ذلك نبيلا أنم
كان خبيثا فسلوك الإدارة في هذه الحالة يمثل انحرافا بالسلطة حتى و لو كان دافع
هذا السلوك الضغط على أداء ما عليه من أموال للدولة

و علة وصف قرار الإدارة بالانحراف في هذا الشأن , إن الإدارة استعملت سلطتها في
غير ما أعدت له حين قصدت تحقيق صالح عام لم يكلفها القانون بتحقيقه لكون ذلك من
اختصاص القانون بتحقيقه لكون ذلك من اختصاص سلطة إدارية أخرى و الهدف من إلغاء
قرار الإدارة في هذه الحالة هو إعلاء شأن القانون حيث إن في سلامة تطبيقه تحقيق
الصالح العام بصورة أكثر شمولا 0

لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء قرار الإدارة حيث استخدمت سلطة الضبط الإداري
لإجبار المتعاقد معها على الوفاء بالتزاماته التعاقدية 0

و قد ألغت محكمة القضاء الإداري قرارا لقلم المرمر بالامتناع عن تسليم أحد
المواطنين رخصة سيارته التي استوفى شروط استخراجها و ذلك بهدف إجباره على سداد
الرسوم المتأخرة عليه لإحدى الجهات الحكومية 0

و في هذه الدعوى وضع قلم المرور في تصور خاطئ و هو أنه كجهة حكومية مكلف بالدفاع
عن مصالح باقي الجهات الحكومية و في استيفاء حقوقها لدى الأفراد مستعملا في ذلك
سلطته في منح أو منع استصدار تراخيص تسيير السيارات و قد دفعه هذا الاعتقاد الخاطئ
إلى الحلول محل الجهة الحكومية الدائنة و التي كفل لها القانون من الوسائل ما
يمكنها من استيفاء حقوقها 

و قد أيدت المحكمة الإدارية العليا مذهب محكمة القضاء الإداري في هذا الشأن حيث
قرت
إنه " لا يجوز لجهة الإدارة رفض منح الترخيص لأساب أخرى يدخل تقديرها في مجال
اختصاصها "

المطلب الثاني

خطأ رجل الإدارة في استخدام وسائل تحقيق الأهداف

" الانحراف بالإجراء "

تمهيد و تقسيم :

يرجع وجه الخطأ في هذه الصورة من صور الانحراف عن الهدف المخصص إلى استعمال رجل
الإدارة في سبيل تحقيقي هدف عام منوط به تحقيقه وسيلة غير مقررة قانونا ذلك أنه
إذا كان الأصل هو حرية رجل الإدارة في اختيار وسيلة مواجهة الحالة فإن مناط ذلك ألا
يفرض علبه القانون وسيلة مواجهة الحالة فإن مناط ذلك ألا يفرض عليه القانون وسيلة
بعينها لتحقيق الغاية التي يريد الوصول إليها و قد يرجع تجاهل رجل الإدارة للوسيلة
المشروعة لكونها أكثر تعقيدا أو مشقة و قد تستغرق وقتا أطول و أخيرا و هذا هو
المهم فقد تحاول الإدارة تحقيق أغراض مالية بغير الطريق المقرر لذلك 0

و يطلق على هذه الصورة من صور الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف الانحراف بالإجراء
و سوف يكون تناولنا لها من خلال تحديد ماهيتها و تحديد صوراها و ذلك في الفرعيين
الآتيين 0

الفرع الأول :

ماهية الانحراف بالإجراء 0

الفرع الثاني :

أوجه الانحراف في استعمال الإجراء 0

الفرع الأول :

ماهية الانحراف بالإجراء
أولا مفهوم الانحراف بالإجراء :

بداية : الإجراء هو وسيلة لتحقيق غرض معين كنزع الملكية أو التأديب فالتأديب مثلا
يجب أن يتم بتطبيق النظام التأديبي الذي يتضمن كافة الإجراءات و الشكليات التي
تراعي \من وقت وقوع المخالفة و حتى صدور الجزاء كمخالفة المواجه كما هو منسوب إليه
و تمكينه من الدفاع عن نفسه , و تسبيب القرار الصادر بالجزاء و هذا النظام الذي
يطبق هو الوسيلة القانونية للتأديب و يطلق عليه أيضا إجراءات التأديب يؤسس بعض
تعريف الانحراف بالإجراء على فكرة الإجراء الإداري أو الوسيلة القانونية و لذلك
قرر بوقوع بالانحراف بالإجراء عند قيام سلطة إدارية من أجل تحقيق أغراض تتعلق
بالصالح العام و باستخدام إجراء إدراري أي وسيلة قانونية مختلفة تلك التي تقررت
قانونا من أجل بلوغ الهدف الذي تسعى الجهة الإدارية إلى تحقيقه 0

و قد ركز البعض في تعريفه للانحراف بالإجراء على موضوع الإجراء ذاته , لذلك ذهب
إلى أنه حصر فكرة الانحراف بالإجراء في الحالة التي يطبق فيها الإجراء من أجل
موضوع أرخ غير الموضوع الذي خصص له دون بحث الغرض 0

و أخيرا جمع بعض الفقه في تعريفه للانحراف بالإجراء ما بين فكرة الغرض و فكرة
الإجراء و وفقا لذلك ذهب إلى تمثيل الانحراف بالإجراء في عدم الملائمة المتعمدة
للإجراء مع الهدف و يتحصل في أن تستخدم الإدارة إجراء لتحقيق أغراض مختلفة عن ذلك
الذي يتعين عليها استخدامه للوصول إليها 0

وقد يحدث الإجراء بالانحراف عندما تملك الجهة الإدارة اختصاصات متنوعة في العقاب
ثم تستخدم الوسائل و الإجراءات المقررة لاختصاص منها في مجال اختصاص أخر كنا قد
يحدث في حالات التجريم عندما يمكن أن يكون الفعل الواحد موضوع تكيفات و أوصاف
مختلفة , و لكل جريمة منها إجراءات متميزة في العقاب عليها تختلف عن الأخرى و تتبع
الإدارة الإجراءات المقررة لواحد منها في مجال العقاب عن الأخرى 0

و بذلك يتمثل الانحراف بالإجراء في مخالفة رجل الإدارة للوسيلة المحددة له من قبل
المشرع باللجوء إلى وسيلة أخرى بغرض التحايل على قواعد الاختصاص أو التهرب من
شكليات معينة قد يحتاج معها إصدار القرار إلى نفقات أكثر و وقت أطول

و قد يكون الهدف من استعمال رجل الإدارة إجراء يخالف ما نص عليه القانون هو الهروب
من رقابة القضاء أو إلغاء بعض ضمانات الأفراد 0

و أيا ما كان غرض الإدارة من التنكر لإجراء الذي قرره المشرع لممارسة اختصاصها
فإنها تكون قد انحرفت بسلطتها بمجرد مخالفتها للإجراء المقرر 0

و أساس الانحراف بالإجراء هو استعمال الإدارة إجراء إداري لا ينبغي استعماله
بالنسبة للغرض المشروع الذي ترمي إلى تحقيقه و إنما قد يصح لاستعماله بالنسبة
لاستهداف غرض أخر 0

و بذلك يقع الانحراف بالإجراء عند استعمال رجل الإدارة في سبيل تحقيق هدف عام منوط
به تحقيقه وسيلة غير مقررة قانونا 0

و على ضوء ما تقدم يمكن تعريف الانحراف بالإجراء بأنه مخالفة رجل الإدارة و هو
بصدد تحقيق هدف يتعلق المصلحة العامة و يدخل في اختصاصاته تحقيقه للإجراء الذي
حدده المشرع لتحقيق هذا الهدف و يترتب على مخالفة رجل الإدارة للوسيلة القانونية
التي حددها المشرع و لتحقيق هذا الهدف يترتب على مخالفة رجل الإدارة للوسيلة
القانونية التي حددها المشرع لتحقيق أحد أهداف المصلحة العامة , و تحقق الانحراف
بالإجراء دون اعتبار للباعث الذي دفع برجل الإدارة للانحراف عن الإجراءات المقرة
قانونا فلا عبرة للباعث لاستقلال المخالفة عن الدافع إليها 0

و تبدو أهمية الانحراف بالإجراء في أنه يكشف بوضوح عن عيب الانحراف بالسلطة دون
الحاجة إلى البحث عن مقاصد متخذ القرار بمعنى أن الانحراف بالإجراء يتضمن الدليل
الموضوعي على الانحراف بالسلطة 0

و بذلك فإن الانحراف بالإجراء يقلل من صعوبة إثبات عيب الانحراف بالسلطة و الذي
يعتمد إثباته في الغالب على عناصر ذاتية يصعب الوصول إليها 0

كما تبرز أهميته في انطوائه على إخلال مزدوج بالقانون بمعناه الواسع حيث يتضمن
إخلالا بالنص الذي أنشأ الإجراء الذي استعملته الإدارة و من ناحية إخلالا بالنص
الواجب الإتباع مما يؤدي إلى تعديل في شروط و مجال تطبيق القانون على خلاف إرادة
المشرع كما أنه غالبا ما يكون مصحوبا بالإسناد إلى أسباب غير حقيقية أو إغفال بعض
الشكليات و من هنا ظهرت خطورة الانحراف بالإجراء التي برت أهميته في الواقع العملي

ثانيا : موقف الفقه من الطبيعة القانونية للانحراف بالإجراء :

ثار خلاف في الفقه الفرنسي و المصري حول كما إذا كان الانحراف بالإجراء يمثل عيبا
قائما بذاته من عيوب المشروعية أم أنه يدخل في نطاق عيب الانحراف بالسلطة حيث
انقسم الفقه في هذا الشأن إلى اتجاهين سوف نتناول كل اتجاه و أسانيده على النحو
التالي : الاتجاه الأول : الانحراف بالإجراء عيب مستقل من عيوب القرار الإداري 
و جد هذا الاتجاه تأييد من بعض الفقه الفرنسي حيث ذهب mourgeon إلى أن الانحراف بالسلطة لا يختلط
بالانحراف في استعمال الإجراء حيث يمكن أن وجد انحراف في الإجراء و العكس فيمكن أن
يوجد انحراف في استعمال السلطة دون الانحراف في الإجراء مثال ذلك توقيع الجزاء
التأديبي لإجراءات المقررة و لكن بقصد الإضرار كما يمكن أن يوجد الانحراف بالإجراء
دون انحراف بالسلطة 0

و ذلك عندما تملك السلطة الإدارية اختصاصات متنوعة في العقاب كما يتوافر لها العدي
من الإجراءات العقابية يختلف موضوع كل منها عن الأخر فإذا استخدمت سلطة العقاب
الإجراء المقرر و مفاد ذلك أنه رغم الارتباط بين الانحراف بالإجراء و الانحراف
بالسلطة في كثير من الأحوال إلا أن التلازم بينهما ليس أتمر ضروريا و لهذا يمكن
التمييز بينهما حيث الانحراف بالإجراء لا يخفي دائما انحرافا في استعمال السلطة 0

و قد أرجع بعض هذا الفقه سبب الاستقلال ما بين الانحراف بالإجراء و الانحراف في
استعمال السلطة إلى اختلاف ط\بيعة كل منهما و ذلك لتعلق الانحراف بالإجراءات بعدم
المشروعية في الشكل و الإجراءات في القرار الإداري و هو في ذلك يختلف عن عيب
الانحراف بالسلطة 0

و أخيرا انتهى أنصار هذا الاتجاه في تبريرهم للاستقلال الانحراف بالإجراء عن عيب
الانحراف بالسلطة إلى أن عدم المشروعية في حالة الانحراف بالإجراء لا تكمن في
الغرض المستهدف بواسطة القرار و إنما تكمن في الوسيلة المختارة من أجل بلوغ هدف
محدد بواسطة القوانين و اللوائح 0

و قد وجد هذا الاتجاه صدى لدى البعض الفقه المصري و الذي ذهب إلى تمتع الانحراف
بالإجراء بذاتية مستقلة عن عيب الانحراف بالسلطة استنادا إلى أن الانحراف في حالة
مخالفة الإجراءات لا يقوم على سلطة إنما يقوم على إجراء وفقا للمفهوم الواسع
للإجراء و الذي يعني الوسيلة القانونية كما أن الهدف اذي يسعى رجل الإدارة إلى تحقيقه
في حالة الانحراف بالإجراء يتعلق دائما بالمصلحة العامة في حين أنه لا يكون كذلك
على الدوام في حاله على إجراء وفقا للمفهوم الواسع للإجراء و الذي يعني الوسيلة
القانونية كما أن الهدف الذي يسعى رجل الإدارة إلى تحقيقه في حالة الانحراف
بالإجراء يتعلق دائما بالمصلحة العامة في حين أنه لا يكون كذلك على الدوام في حاله
على إجراء وفقا للمفهوم الواسع للإجراء و الذي يعني الوسيلة القانونية كما أن
الهدف الذي يسعى رجل الإدارة إلى تحقيقه في حالة الانحراف بالإجراء تعلق دائما
بالمصلحة العامة في حين أنه لا يكون كذلك على الدوام في حالة الانحراف بالسلطة فهو
قد يكون منيت الصلة بالمصلحة العامة و قد يكون متعلقا بها كما في حالة مخالفة
قاعدة تخصيص الأهداف حيث يستخدم رجل الإدارة سلطته من أجل تحقيق غرض يتعلق بالصالح
العام , و لكن يدخل في اختصاصه تحقيقه و في هذا يختلف الانحراف بالسلطة عن
الانحراف بالإجراء و الذي يكون فيه رجل الإدارة دائما مختصا بتحقيق الهدف الذي
يسعى إليه و ذلك على خلاف الوضع في الانحراف بالسلطة و الذي يستهدف فيه رجل
الإدارة إعمال تحقيق غرض منبت الصلة بالمصلحة العامة و بالتالي لا يدخل في اختصاص
أو اختصاص أي جهة إدارية و إما أن يستهدف تحقيق غرض يتعلق بالصالح العام و لكنه لا
يدخل في اختصاصه تحقيق هذا الغرض , و للتدليل على اختلاف الانحراف بالسلطة عن
الانحراف بالإجراء ذهب أنصار هذا الرأي إلى أن الأول يقوم على فكرة وجود إجراءين و
هذا لأمر ليس ضروريا في الثاني

كما ذهب أنصار اتجاه استقلال الانحراف بالإجراء عن الانحراف بالسلطة إلى أن عيب
الانحراف بالإجراءات يتعلق أساس بمخالفة نطاق تطبيق القاعدة الإجرائية فكل قاعدة
قانونية حدد لها مجال تطبيق فيه فإذا طبقت خارج هذا النطاق عد هذا التطبيق مخالفا
لمبدأ المشروعية و لذلك فإنه كما أكد أنصار هذا الاتجاه أصالة عيب الانحراف
بالإجراء من خلال وضع تعريف متميز لكل من قواعد الشكل و الإجراءات فعلى حين يقصد
بقواعد الشكل المظهر الخارجي للعمل أو القرار الإداري فإن القواعد الإجرائية التي
يراد بها أساس العمل القانوني في ذاته أو العملية القانونية التي ينطوي عليها و
أضاف أن اختلاف قواعد الشكلية و الإجرائية عن بعضها البعض يؤدي إلى ضرورة إخضاع كل
منهما بصورة منفصلة و مستقلة لطائفة مميزة من الأحكام القانونية المنظمة لها
جوهريا
                                       الثاني :

                         الانحراف بالإجراء صورة للانحراف بالسلطة 0

ذهب عض الفقه الفرنسي إلى إلحاق الانحراف بالإجراء بعيب الانحراف بالسلطة حيث
تتعمد فيه جهة الإدارة استعمال إجراء إداري بدلا من إجراء أخر 0

و بذلك فإن الانحراف بالإجراء ليس له ذاتية مستقلة 0

و قد حظي ذلك الاتجاه بتأييد واسع من الفقه المصري و الذي دهب إلى أنه إذا استعملت
الإدارة إجراءات غير تلك التي هي مقررة قانونا فهي بذلك تستعمل الإجراءات في غير
موضعها و لغير الهدف المخصص و ذلك هي تخالف قاعدة تخصيص الأهداف و من ثم فإن
الانحراف بالإجراء ليس عيب جديد يختلف عن عيب الانحراف بالسلطة فإذا خالف رجل
الإدارة الهدف المخصص فإنه يرتكب انحرافا بالسلطة في صورة مخالفة قاعدة تخصيص
الأهداف حيث إن رجل الإدارة و إن كان منوطا به تحديد الهدف إلا أنه لم يستعمل في
ذلك ما حدده له القانون من وسائل

و قد ذهب هذا الاتجاه في تأييد لاعتبار الانحراف بالإجراء يدخل في إطار عيب
لانحراف بالسلطة إلى تقسيم أوجه الانحراف بالسلطة المتصلة بالنشاط الإداري إلى
وجهين أولهما يتصل بمبدأ تخصيص الأهداف و ثانيهما عيب الانحراف المتصل بالإجراء
حيث ذهب في شرحه للانحراف بالسلطة المتصل بالإجراء إلى أن الأصل أن للإدارة أن
تتخير الوسيلة التي ترى أنها تحقق الصالح العام أو الهدف الخاص الذي توخاه المشرع
في مزاولة نشاط معين بيد أنه إذا كان القانون قد حدد وسيلة معينة لتحقيق هذا الهدف
وجب على الإدارة أن تلتزم بهذه الوسيلة فلا تجاوزها إلى غيرها 0

و يرى مشاهير هذا الاتجاه أن الانحراف بالإجراءات هو أحد أشكال الانحراف بالسلطة
المتصل بالإجراء إلى أن الأصل أنت للإدارة أن تتخير الوسيلة التي ترى أنها تحقق
الصالح العام أو الهدف الخاص الذي توخاه المشرع في مزاولة نشاط معين , بيد أنه إذا
كان القانون قد حد وسيلة معينة لتحقيق هذا الهدف وجب على الإدارة أن تلتزم بهذه
الوسيلة فلا تتجاوزها إلى غيرها 0

و يرى مشاهير هذا الاتجاه إن الاتجاه بال لانحراف هو أحدج أشكال الانحراف بالسلطة
و لكنه يحدث في مجال الإجراءات الإدارية إذ تلجأ الإدارة إلى استعمال إجراء بعينه
تراه أيسر من الإجراء المحدد لها قانونا إنجاز هدف معين 0

و استعمال إجراءات في غير مجالها المحدد هو خروج على الهدف المخصص و بالتالي ف‘إن
الانحراف بالإجراءات مجرد صورة لقاعدة تخصيص الأهداف و ليس من مبرر لاعتباره صورة
مميزة عن صور الانحراف بالسلطة 0

كما أن في اعتبار الانحراف بالإجراء صورة من صور الانحراف بالسلطة تمشيا مع موقف
المشرع المصري حيث اقتصرت قوانين مجلس الدولة على إيراد الوجه الخمسة للإلغاء دون
نص على اعتبار الانحراف بالإجراء وجه سادس مستقل للإلغاء

و كان دليل هذا الفقه على أن الانحراف بالإجراء صورة لعيب الانحراف بالسلطة أن
التحق من الانحراف بالإجراء يكشف بوضوح عن الانحراف عن استعمال السلطة دون الحاجة
إلى البحث عن مقاصد متخذ القرار معنى أن الانحراف بالإجراء يتضمن الدليل الموضوعي
على الانحراف بالسلطة 0

رأينا في الخلاف الفقهي :

بعد استعراض الاتجاه الذي يرى في الانحراف بالإجراء عيبا مستقلا من عيوب القرار
الإداري و الاتجاه الذي يراه أحد صور الانحراف بالسلطة و و بعد إيضاح أسانيد كل
اتجاه فإننا نعتقد أن الانحراف بالإجراء لا يمكن أن يكون عيب مستقل من عيوب
مشروعية القرارات الإدارية حيث لا يعدو أن كون أحد صور عيب الانحراف بالسلطة إلى
سلطة و استناد الانحراف بالإجراء إلى إجراءات حيث أنهم لم يضعوا معيارا يفصل ما
بين السلطة و الإجراء كما أن ما ذهبوا إليه من أن الهدف الذي يسعى إليه رجل
الإدارة في حالة انحرافه بالإجراءات يتعلق دائما بالمصلحة العامة أمر لا يمكن
التعميم به فأحيانا قد يقصد بالانحراف بالإجراء ما هو مخالف للمصلحة العامة , كما لو
قصد به حرمان شخص من ضمانة كفلها له القانون كما هو الشأن في حالة توق\يع يع جزاء
مقنع على موظف دلا من اتخاذ الإجراءات التأديبية تجاهه و التي تمكن من خلالها من
الدفاع عن نفسه و الطعن على قرار الجزاء بالسبل المشروعة 0

إذا أضفنا إلى ذلك أن هذا الرأي لم يلق مساندة تشريعية حيث لم يذكر المشرع
الانحراف بالإجراء كوجه مستقل لإلغاء القرار الإداري

و لم يلق تطبيقا قضائيا حيث استقرت أحكام القضاء على إلغاء قرارات الإدارة لكونها
مشوبة بعيب الانحراف بالسلطة بالرغم من الانحراف بالإجراء فيها في غاية الوضوح
فإننا نستخلص من أن اتجاه اعتبار الانحراف بالإجراء عيبا مستقلا لا سند له من
القانون أو التطبيق في الواقع العملي 0

_________________

ليست هناك تعليقات

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

يتم التشغيل بواسطة Blogger.