لماذا قد ينتهي زواجك بالفشل؟

غالبا ما نبذل مجهودا مضاعفا لتجنب الزواج بالشخص غير المناسب، إذ نعمل على البحث عمن يشاركنا الطبقة الاجتماعية والثقافية وحتى الفكرية أحيانا. وإذا لم نشعر بالارتياح لشخص ما، يكون مبررنا عادة: إنه لا يفهمني!

ولكن، وعلى الرغم من كل ذلك، ينتهي بنا المطاف إلى الزواج من الشخص الخطأ، فلماذا نقع ضحية خياراتنا؟

نتقمص دورا آخر
ترجع إحدى الأسباب الرئيسية في اتخاذ قرارات زواج خاطئة، إلى تعاملنا مع الأشخاص الذين نتعرف عليهم لأول مرة بصورة مختلفة تماما عن شخصيتنا، إذ إننا نعمل على إظهار أنفسنا بمظهر طبيعي ومحافظ أمام الأشخاص الذين لا نعرفهم جيدا: نمزح، ونبتسم، ونتحدث عن الطقس وذكريات الطفولة الجميلة، ويبادلنا الشخص الآخر الأحاديث نفسها، فنظن أن كل شيء على ما يرام.

ولكن، عندما يقترب الطرفان أكثر فأكثر من بعضهما البعض يتفاجآن بوجهات نظرهما المختلفة في أشياء كثيرة في الحياة. هنا بالضبط تظهر الاختلافات ثم المشاكل، التي تعني عندما تتفاقم: نهاية العلاقة.

ولذلك، قد يكون السؤال المناسب لبدء أية علاقة هو: قل لي كيف أنت مختلف عن بقية الناس؟


فعلى سبيل المثال، ربما ينفعل البعض منا عندما يختلف معه الآخرون في الرأي، أو ربما كانت لديه مشاكل نفسية تتعلق بالثقة بالأشخاص. ربما تكون هناك تفاصيل صغيرة ولكن حاسمة ومهمة في شخصياتنا: النوم المفرط، الاستيقاظ باكرا..

وعلى الرغم من أن هذه الأشياء مجرد تفاصيل، إلا أننا لا نتحدث عنها أمام من نرغب بالزواج بهم، فينتهي الحال بالشخص الآخر متفاجئا وغير قادر على تقبل هذه الصفات أو تفهمها.

وعندما يعلق الشخص الآخر أو يبدي انزعاجه من مثل هذه الصفات، فإننا لا نبذل مجهودا في شرح أسبابها للشخص الآخر، فنكتفي بتبادل الاتهامات والغضب، ما يوسع الهوة بين المتزوجين.

 نخفي شخصياتنا الحقيقية
على سبيل المثال، ما الذي نفعله عندما نرغب في التعرف على الجنس الآخر؟ نقوم بزيارة عائلاتهم، ننظر إلى صورهم في مراحلهم العمرية المختلفة، نقابل أصدقاءهم من العمل والجامعة، ونظن وقتها أننا "نعرفهم بصورة جيدة"، وأننا قد أدينا الواجب المطلوب.

ولكننا، في حقيقة الأمر، ما زلنا لا نعرفهم بطريقة جيدة.

جميعنا يمتلك أفكارا ومخاوف يخشى من التصريح بها للآخر، فنحن لا نتحدث بصورة واضحة عن عيوبنا القاتلة أو ذكرياتنا السيئة أمام أصدقاء العمل والجامعة، بل إننا قد نخالف عائلتنا في الصفات والعادات، ولذلك، يتزوج العديد وهم على يقين من معرفة الآخر جيدا، ثم ينتهي بهم الحال غرباء كما كانوا.


وبالعودة إلى التاريخ، نجد أن البشرية قد مارست تلك الأخطاء، باختلاف مسمياتها، بطريقة منتظمة.

فقد ظهرت الحاجة إلى الزواج لأسباب اقتصادية تتعلق بالممتلكات الزراعية والتجارية، ثم تطور الأمر بعد ذلك ليصبح الزواج مقترنا "بعاطفة الحب". وطبعا لا مانع من الجمع بين العاطفة وبناء المستقبل مع شريك نريده ضمن طبقة اجتماعية معينة.

لا نبحث عن السعادة

وعلى الرغم من سعينا لتحقيق السعادة من خلال الزواج، إلا أننا، في حقيقة الأمر، نبحث عن الألفة والاعتياد، وهو ما قد يتناقض مع رغبتنا في الشعور بالسعادة. فنحن نرغب في أن نعيش الحياة نفسها التي اختارها لنا آباؤنا، وفي المدينة نفسها التي عشنا فيها طفولتنا، ووسط الأشخاص الذين ذهبنا معهم إلى الجامعة.

يدفعنا الخوف إلى الرغبة في التمسك بالمشاعر والصور التي تزيد من شعورنا بالألفة، فنندفع نحو ما هو مألوف ونبتعد عن التغيير، فنفقد الفرصة في أن نكون سعداء حقا، فالسعادة الحقيقة تكمن في استكشاف المجهول.

نخشى من الوحدة
وفي الوقت نفسه، يخاف العديد منا من الوحدة، فيندفع إلى اتخاذ القرار بالزواج. ومن المعروف أن القرارات النابعة من الخوف هي قرارات متسرعة وفي معظم الأحيان، خاطئة.

وبالتالي، يجب أن نكون قانعين بالوحدة أولا، وأن نتقبل الحياة كما هي قبل اختيارنا لشريك الحياة.

تستغرقنا اللحظة
ويتبقى سبب آخر، وهو أننا نتزوج لرغبتنا في "إطالة اللحظة الجميلة"، بمعنى، أننا نعتقد أن زواجنا سيجعل يوما جميلا قضيناه مع الحبيب أو شعورا رائعا أحسسنا به يطول أبد الدهر، إلا أن يوما جميلا في باريس، أو ليلة سعيدة في إحدى المطاعم الهادئة، لا يعني أن الزواج هو الحل لكي تكون كل أيامنا كيوم قضيناه في باريس مثلا.

إذن لا توجد أي علاقة بين الشعور بالسعادة في يوم ما ومؤسسة الزواج الصارمة.

ولكن، إذا كانت كل هذه الأسباب خاطئة، بل ومتناقضة مع فكرة الزواج من الأساس، فلماذا نتزوج؟ وما هو السبيل إلى السعادة؟


الحل
الطريقة الوحيدة هي أن نلغي من قاموسنا ما قامت على أساسه ثقافة الحب المعاصرة بمصطلحات مثل "عاشوا سعداء أبد الدهر" أو "أحب فيك كل شيء"، وأن نعي جيدا أن أي رفيق عاطفي لنا سيغضبنا، ويزعجنا، ويحبطنا، وأننا سنفعل الشيء نفسه، وأنه لا مفر من ذلك.

ولا يعني هذا أن تلك المشاعر السلبية ستكون مبررا للافتراق أو الطلاق، لأنها ستكون موجودة شئنا أم أبينا، بل يعني أن نمعن في اختيار الشخص المناسب الذي يستحق ألم المعاناة والتضحية.

ليس من الضروري أن يكون الشخص المناسب لنا لديه الذوق نفسه في كل شيء، فمثل هذا الشخص غير موجود، بل إن الضروري هو أن يكون الشخص قادرا على تقبل اختلافاتنا والتعامل معها بذكاء، بمعنى آخر، من الضروري أن يكون رفيقنا "جيدا في الاختلاف".

والأمر الآخر يكمن في أن "التشابه" هو نتيجة للحب والتعود، وليس شرطا مسبقا له.

لطالما كانت الرومانسية المفرطة حاجزا بين آمالنا والواقع، لأنها لا تتحقق أبدا، ولأنها مختلفة كل الاختلاف عن مؤسسة الزواج.

ينبغي علينا ألا نتعامل بقسوة تجاه أنفسنا ورفقاء حياتنا، وأن نتعود على الشعور بالإحباط والتقصير من وقت لآخر. ففي نهاية المطاف، نحن بشر: تلك هي طبيعتنا، وتلك هي حياتنا.

هناك تعليق واحد:

  1. ‏"لا تنتظر أي شيء من الناس، فالأشياء الجميلة تأتي من الله".💕

    ردحذف

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

يتم التشغيل بواسطة Blogger.