"يونى واي" .. "النصب" فى حضرة القانون

"يونى واي" .. "النصب" فى حضرة القانون
حلم الثراء السريع والتوظيف.. مصيدة آلاف الأبرياء
التسويق الشبكى أسلوب منظم للنصب.. وفتاوى تحرم النشاط

هيئة الاستثمار: الشركة غير مصرح لها بالتسويق الشبكى
ضحايا بالآلاف وحفلات غنائية ونجوم لشرعنة النشاط
حماية المستهلك: نصب وغير مصرح بها قانونًا
القانون لا يحمى المغفلين.. لكن يحمى النصابين
مجاذيب "يونى واى".. من سابع سما.. لسابع أرض
"أب لاين الدقهلية": تركت (uniway) بسبب "حسبى الله ونعم الوكيل"

بزى جديد أطل وباء "التسويق الشبكى" مرة أخرى على مصر بوجهه القبيح فى فبراير 2014، ولكن هذه المرة بشكل مقنن، بدعوى التجارة والتوكيلات وتحت مسمى "يونى واى" وبإغراءات جديدة عن سابقتها، وهى الثراء السريع وفرص العمل والتنزه وخدمات الحج والعمرة المغلوطة، وغيرها من الخدمات والسلع الوهمية، كطُعم جديد لجذب الضحايا الأبرياء عن طريق شراء سلعة أو خدمة بضعف أو أكثر من ثلاث أضعاف سعرها الطبيعى بحجة أن يصبح مشترى السلعة أو مستخدم الخدمة، وكيلا للشركة وله نسبة، من خلال جذب ضحايا أخرين من محيطه الاجتماعى.. هكذا تعمل شركة "يونى واى" فى مصر من خلال ما يعرف بالتسويق الشبكى، مستغلة حاجة المواطن البسيط لأى وسيلة للكسب السريع أو الحصول على خدمة يأمل من ورائها أن تدر عليه الأموال الطائلة، وهو ما لا يحدث إطلاقًا..
تأسيس الشركة 
شركة "يونى واى" هى شركة مصرية تعمل فى مجال التجارة والتوكيلات من خلال التسويق الشبكى، يرأس مجلس إدارتها شخص يدعى إسلام محمد.
حصلت الشركة على ترخيص من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لتأسيس شركة مساهمة مصرية رقم (652) بتاريخ 26 فبراير 2014، تحت مسمى (يونى واى للتجارة والتوكيلات UNI WAY، شركة ذات مسئولية محدودة، وهو ما تستغله الشركة للترويج لنفسها بأنها تعمل بشكل قانوني.
ذُكر نصًا فى مستند طلب القيد فى السجل التجارى، الذى تقدم به وكيل المؤسسين ويدعى (حسام محمد خلف الله محمد) إلى  مصلحة السجل التجارى بوزارة التموين، أن الغرض من تأسيس الشركة هو (التجارة العامة فيما هو مسموح به قانونا - التوريدات العمومية - الاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية - تنظيم وإقامة المؤتمرات والندوات)، بدون ذكر أى لفظ من قريب أو من بعيد لنظام التسويق الشبكى، الذى تدعى الشركة أنه نظام دولى فى التجارة وتستخدمه الشركة لتحقيق أرباحها الخيالية.
التسويق الشبكى
يعرف التسويق الشبكى وفقًا لما هو متعارف عليه عالميًا ومن خلال الموقع العالمى ويكيبيديا (الموسوعة الحرة)، بأنه عملية ربح مشهورة عالميا ودوليا، وهو مبنى على مبدأ التسويق التواصلى، حيث يستفيد من هو على قمة الهرم  فقط، بينما يأتى الأرباح من خلال تسويق المنتجات، وتم تغيير أكثر من وجه لهذه الطريقة، بإضافة منتجات إما لا قيمة لها أو زيادة عن قيمتها الأصلية لإقناع الضحية أنه يكسب عن طريق البيع والشراء، بينما ما هو معروف وما يتم حقيقة أن القاعدة الأكبر من العملاء فى هذه الطريقة لن يحرزوا أى مكسب فى النهاية.
نصب الفخ
تعتمد شركة (يونى واى) على أسلوب التسويق الشبكى، وهو كما عرفنا سابقًا أن القاعدة الأكبر من العملاء لن يحرزوا أى مكسب من خلال هذا النظام.
وبحسب شهادات مجموعة من المنضمين لشركة (يونى واى)، اكتشفوا أنها عملية نصب منظمة.. أكدوا أن الشركة تبدأ أولى خطواتها من خلال وكلائها كما يسمون أنفسهم فى استدراج الضحية سواء من خلال أحد أقاربهم أو من خلال الندوات والمؤتمرات التى تنظمها الشركة لجذب العديد من الضحايا، تنفذ الشركة أول مخططاتها من خلال حضور الضحية لمحاضرة أولية عن الفرص وانتهازها، وأهمية القرارات فى تغيير الحياة، بالإضافة إلى أجزاء متفرقة وعشوائية من علم التنمية البشرية فى محاولة لإقناع الضحية أنه أمام فرصة عظيمة تكاد أن تغير حياته بالكامل، وإن لم ينتهز ها فقد خسر، بهذه التعبيرات التى تهاجم الضحية من جميع الاتجاهات سواء الشخص الذى أتى به إلى  الشركة والمقرب له فى الأساس، والذى يحظى بثقة بالإضافة إلى أشخاص جدد بالزى الرسمى للمقابلات، وهى البدلة والكرافت أدوات ما يسمون أنفسهم (كوتش) لاستدراج الضحية، يقتنع الكثيرون ويرفض من يكتشف أن سيدفع مبلغ ليس بالهين (يصل أحيانًا إلى  10 آلاف جنيه)، مقابل سلعة أو خدمة عادية، بحيث يفوق المبلغ المطلوب قيمة السلعة أو الخدمة بأربع أضعاف أو ثلاثة، على أمل أن أصدقاءه الجدد ورؤساؤه سيساعدونه لتكوين فريقه الضخم، الذى سيجنى من خلاله الأموال الطائلة ويقضى نهائيًا على أزمات الحياة.. على هذا المنوال تدور الدوائر يوميًا على ضحايا جدد، وبذلك تكون الشركة متهمة بالاستيلاء على أموال الضحايا بطرق احتيالية‏، من خلال بيع سلع وتقديم خدمات بأسعار تفوق أسعارها الحقيقية بأربع أو ثلاث أضعاف، ووعود بنسب ربح خيالية وهو ما لم يتم بالشكل الذى ترسمه الشركة للضحية فى المقابلة الأولى، مستغلة فى ذلك حاجة المواطن.
ويروى (م. إ) - أحد المشتركين فى شركة (يونى واى) - أنه ذهب هو وصديقه لحضور اجتماع تحضيرى لانضمام أعضاء جدد، وقدم لهم أعضاء قدامى بالشركة (وكلاء) عرضا عن الشركة والسلع والخدمات، والتى من خلال شرائها يمكن للعضو الجديد أن ينضم، ويحقق مكاسب مالية ضخمة.
ويضيف: أن الشرح كان وفقًا لأن يكون العضو هو أول شبكته، ثم يعمل على جذب عملاء جدد فى شبكته بحيث يكون الترتيب (ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن يساره)، ومن ثم يعمل الست أعضاء أسفل الشخص الرئيسى فى جذب عملاء جدد تحت كلا منهم بنفس الطريقة، وهكذا تستمر الشبكات على أن يتقاضى العضو عمولة بشرط اكتمال شبكته تمثل 1400 جنيه، بهذه الإغراءات التي لم تتحقق على أرض الواقع تثير الشركة مشاعر المواطنين للاشتراك فيها، وإن نجح فعمولة العضو تمثل نسبة ضعيفة جدًا من نسبة الأرباح التى تجنيها الشركة، وهكذا تنتهج شركة (يونى واى) سلسلة متواصلة من عمليات النصب المنظمة.
ويقول (م. إ) إنه اشترك هو وزميله بالفعل فى الشركة من خلال شراء سلعة وهى (تليفون محمول نوع سامسونج جالكسى ستار بلس) ودفع مبلغ (2660 جنيه) على الرغم من أن سعره الطبيعى بالسوق المصرية لا تتعدى (600 جنيه)، وتوقف للتأكد من قانونية الشركة، وإن اتضح لهم كذبها والنصب الذى تنتهجه سيتقدمون ببلاغات إلى مباحث الأموال العامة وهيئة الاستثمار.
ويؤكد (إ. م) - وهو أحد المشتركين الذين انقطعوا عن العمل فى الشركة - أنه وصل إلى  مراحل متقدمة فى الشركة جعلته يتبوأ موقع (أب لاين محافظة الدقهلية) بمعنى العضو الأول فى المحافظة، يؤكد أنه ترك الشركة بعدما وجه له أحد الأعضاء - الذين خسروا أموالهم - اللوم على اشتراكه قائلا :"حسبى الله ونعم الوكيل".
القانون يحمى النصابين
ومن جانبهم، حذر عدد من خبراء الاقتصاد من أن مصر يكاد يكون بها أكبر عدد من النصابين مطلقى السراح‏، وأن القوانين الوطنية لا تردع النصابين‏، إلى درجة أنها تبدو كأنما قد صممت لحمايتهم‏!‏، وذلك من فرط تلاعبهم بها‏،‏ وتهاونهم بأحكامها،‏ مشيرين إلى أنه بمجرد صدور الحكم بإدانة أى نصاب فإنه يلجأ إلى المعارضة التى توقف ــ فعليا ــ تنفيذ الحكم‏، الذى يكون ــ أصلا ــ صادر غيابيا‏، وهو ما يعنى بقاء هؤلاء النصابين طلقاء.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادى، صلاح جودة، أن مثل هذه الشركات تستغل حاجة المواطن للمكسب السريع، من خلال حيل وألاعيب للنصب، مشيرًا إلى أن هذه الشركات مخالفة للقانون لأنها تستخدم شبكة الإنترنت، للترويج للسلع، وهذا يستلزم تصاريح من هيئة الاتصالات، فضلا عن أن غياب الرقابة على أداء هذه الشركات يجعلها تعمل بشكل منفرد ومباشر بينها وبين المستهلك.
كما أشار "جودة" فى تصريحات خاصة لـ "المشهد" أن طريقة عمل هذه الشركات يدخل فى إطار النصب والتلاعب بالمستهلك، فضلا عن زيادة سعر السلعة أكثر من 3 أضعاف سعرها الطبيعى، وغياب الضمان الذى يمكن المستهلك من استرجاع حقوقه إذا ما ثبت أن السلعة غير مطابقة للمواصفات.
هيئة الاسثمار تحذر
ومن جانبها، أكدت هيئة الاستثمار على لسان المسئول الإعلامى بالهيئة لـ"المشهد" بعد فحص ملف الشركة أن الشركة غير مصرح لها العمل بنظام التسويق الشبكى، وهو ما يخالف القانون، فالغرض من تأسيس الشركة رسميًا هو: التجارة العامة فيما هو مسموح به قانونًا، التوريدات العمومية، الاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية، تنظيم وإقامة المؤتمرات والندوات، وأن غير ذلك فهو غير قانونى.
التواصل الاجتماعى وإقناع الضحية
تسعى قيادات شركة (يونى واى) فى سبيلها لإقناع ضحايا جدد للاشتراك فى الشركة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعى، لنشر معلومات ترويجية الشركة وكيفية الوصول للمراتب العليا بالشركة لتحقيق المكاسب الخيالية، معلنين بين الحين والأخر أن الشركة توفر لوكلائها العديد من المميزات، وكان من بين هذه المميزات التى تم الترويج لها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى هى أن الشركة تعاقدت مع 8 خطوط إنتاج منتجات عديدة تباع من خلال الشركة.
ومن خلال التواصل الاجتماعى تنجح الشركة فى إقناع عدد كبير من المواطنين فى الحضور على الأقل لمقر الشركة أو الاجتماع بأحد الوكلاء.
شرعنة النشاط بنجوم الفن والرياضة
وفى سبيل إضفاء نوع من الرسمية على طبيعة العمل وللوصول لمرحلة الاعتراف المجتمعى، تنظم شركة (يونى واى) عددا من الحفلات والمؤتمرات، وفقًا لما هو مصرح لها به من وزارة الاستثمار فى البند الرابع من الغرض من تأسيس الشركة، فكانت آخر حفلات الشركة فى 17 إبريل 2015، حيث احتفلت بمرور عامها الأول فى مصر، حيث أقامت حفلا ضخما باستاد القاهرة، بحضور عدد من نجوم الفن والرياضة والإعلام، بدعوى الاحتفال بالنجاح الذى حققته الشركة، فإن كان من نجاح يذكر خلال هذا العام فإنه قدرتها على جمع مبالغ طائلة من المواطنين المصريين.
حماية المستهلك: غير مصرح به قانونًا ونصب
أبدت سعاد الديب، رئيس جمعية حقوق المستهلك، وعضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، امتعاضها من أسلوب الشركات التى تنتهج أساليب ملتوية لجمع الأموال من المستهلك المصرى، مؤكدة علمها بهذه الشركات التى تستخدم التسويق الشبكى أو التجارة عن بعد، أو مثل هذه الطرق التى وصفتها بالنصب.
وأكدت "الديب" - فى تصريحات خاصة لـ "المشهد" – أن أساليب التسويق الشبكى التى تسعى الشركات من خلالها تسويق منتجاتها بأسعار مرتفعة وخيالية مقابل عمولات تمنى بها المستهلك، هى غير مصرح بها قانونًا حتى وإن استغلت هذه الشركات ثغرات القانون للنصب على المواطنين.، مطالبة الضحايا بتقديم بلاغات ضد الشركة.
حرمة النشاط
ومن الناحية الدينية، خلُصت دار الافتاء فى حكمها وفتواها على (حكم التعامل من خلال التسويق الشبكى) فى الفتوى الصادرة على موقع الدار بتاريخ 25 ديسمبر 2011 على أنه وبعد سرد طريقة الخروج بالفتوى بعد مشاورة أهل الاختصاص وجميع المقدمات والبراهين، ذكرت فى نهاية الفتوى ما يلى: "وبناءً على ذلك كله: فإن هذه المعاملة (وتقصد التعامل من خلال التسويق الشبكى) تكون بهذه الحال المسئول عنها حرامًا شرعًا، لاشتماله على المعانى السابقة، خاصة بعد أن ثبت لدى أهل الاختصاص أن شيوع مثل هذا النمط من التسويق يُخل بمنظومة العمل التقليدية التى تعتمد على الوسائط المتعددة، وهو فى ذات الوقت لا يُنشئ منظومة أخرى بديلة منضبطة ومستقرة، ويضيق فرص العمل، ووجد أن هذا الضرب من التسويق قد يدفع الأفراد إلى ممارسات غير أخلاقية من كذب الموزع أو استخدامه لألوان من الجذب يمكن أن تمثل عيبًا فى إرادة المشترى، كالتركيز على قضية العمولة، وإهدار الكلام عن العقد الأساس - وهو شراء السلعة -، وقد سبق لأمانة الفتوى أن نبهت فى الفتوى السابقة بشأن هذه المعاملة إلى أن خلوها من هذه المحاذير شرط فى حلها، فحصل اللبس بعدم الالتفات إلى  هذه القيود، وقد تبين لأمانة الفتوى بعد دراسة واقع هذه المعاملة أنها مشتملة على هذه المحاذير التى تمنع حلها.
سوابق التسويق الشبكى
كان لنشاط التسويق الشبكى فى مصر سابقة خطيرة، وذلك فى 21 إبريل 2007، حيث تم تشميع مقر شركة شينل الصينية‏، وغلق مقرها فى حلوان‏، بعدما كشفت تحقيقات جريدة "الأهرام" قيامها بالنصب على أكثر من خمسين ألف مصرى‏، بدعوى شراء وتوزيع جهاز طبى مخالف للمواصفات‏، بثمن باهظ‏، وذلك من خلال التسويق الشبكى الذى تنتهجه شركة (يونى واى) الآن.
وقتها، طالب عدد من خبراء القانون بسرعة التحرك من أجل تعديل توصيف جريمة النصب من كونها مجرد جنحة لاتتعدى عقوبتها القصوى الحبس ثلاث سنوات إلى جناية تتدرج فيها العقوبة بحسب طبيعة النصب وعدد المنصوب عليهم، والمبالغ التى تم نهبها منهم لتصل إلى الإعدام والسجن المؤبد‏.‏

ليست هناك تعليقات

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

يتم التشغيل بواسطة Blogger.